في ذكري الدكتور طه حسين
في ذكري الدكتور طه حسين
بقلم: محمد صالح
عاش عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين السنين الأخيرة من حياته مريضا مهموما وكان يوجع قلوب عارفيه ومحبيه, وهم يرونه يدخل المجمع اللغوي محمولا فوق كرسي ليحضر افتتاح دوراته كرئيس له.
فقد كان حضور تلك الجلسات هو الشيء الوحيد الذي يحرص عليه منذ الهزيمة المزلزلة في يونيو.76
كان رحيله يوم28 أكتوبر1973, وقد تم تشييع جثمانه عصرا وعلم مصر يحتضنه في المنطقة ما بين جامعة القاهرة وتمثال نهضة مصر, وكان وداعا يسيطر عليه الخشوع والجلال وكل الحب والاحترام لابن مصر قاهر الظلام.
وكان من بين المتقدمين لموكب الجنازة وزير الداخلية ممدوح سالم مرتديا الأفرول الكاكي, زي العسكريين في ميادين القتال, والدكتور عبد القادر حاتم القائم بأعمال رئيس الوزراء.
عندما توفي طه حسين ـ اعظم المبدعين أدبا في مصر خلال القرن العشرين لأنه صاحب الأيام الذي يعتبر من أهم السير الذاتية في الأدب العربي, وأروع ما أنتجه الأدب المصري المعاصر ـ كان يسيطر علينا شعور قوي بأنه صمد ضد المرض طويلا وقاومه لسنين, رافضا أن يموت ومصر منهزمة, ولذلك قلنا إنه أسلم الروح بعد أن اطمأن علي مصر.
بقدر الفرحة التي كنا نعيشها بسبب عبورنا وتحطيم خط بارليف, كان الحزن كبيرا لرحيل الرجل الذي أسهم في تعليم وتثقيف أجيال وأطلق عبارة التعليم يجب أن يكون حقا للجميع كالماء والهواء وكتب مؤلفات مهمة مثل( مستقبل الثقافة في مصر) و(في الشعر الجاهلي) كان لها دور في التنوير والتحديث. وكانت جموع المصريين حزينة لوفاة الرجل الذي طالب بحق الجميع في التعليم, الفقير كالغني, لذلك فقد سارعت الإذاعة بإعداد اسرع مسلسل درامي, كان كمال الملاخ يكتب قصة طه حسين باسم قاهر الظلام وسمير عبد العظيم يأخذ الاوراق أولا بأول ويخرجها في مسلسل إذاعي من30 حلقة.
تم تكليف الشاعر الغنائي محمد حمزة بكتابة3 مواويل تعبر عن معان مهمة في حياة قاهر الظلام ابن عزبة الكيلو بمحافظة المنيا.. واتصل المخرج بعبد الحليم حافظ ليغني المواويل فرفض عبد الحليم في البداية.. ولكنه تحمس عندما سمع من يقول له.. ان العميد رفض الموت حتي يطمئن علي مصر.. وتحولت المواويل الثلاثة الي71 موالا أداها عبد الحليم حافظ بصوته. وكان من تلك المواويل( يا مركب سيري ولا تخافي الرياح).. وقد لحنها الموجي, أما مقدمة وختام المسلسل فكانا من الحان محمد عبد الوهاب وقد كان هذا المسلسل الاذاعي( قاهر الظلام) أول مسلسل درامي يذاع بعد حرب أكتوبر73, وقد بدأت الاذاعة في تقديم حلقاته بعد أيام قليلة من انتهاء رمضان وبعد نحو أسبوع من وفاة طه حسين. إذ كانت الحلقات يجري إخراجها واذاعتها يوما بيوم ولأن الاذاعة والتليفزيون كانا قد أوقفا بمجرد قيام الحرب2 ظهر6 أكتوبر01 رمضان تقديم البرامج والمسلسلات الرمضانية. وكان بينها أول مسلسل درامي يلعب بطولته عبد الحليم حافظ بعنوان( ارجوك لا تفهمني بسرعة) وبذلك كان مسلسل( قاهر الظلام) بديلا لعبد الحليم حافظ عن مسلسله الرمضاني, الي جانب اسهامه كمطرب كبير في تكريم قاهر الظلام بغناء مسيرته منذ كان طفلا كفيفا بصعيد مصر حتي أصبح من أهم عمالقة الأدب العربي المعاصر والفكر في مصر.
وبعد أشهر قليلة تحول مسلسل( قاهر الظلام) الي مسلسل تليفزيوني قام ببطولته محمود ياسين.
ومن مؤلفات طه حسين والتي تحولت الي أعمال فنية دعاء الكروان الذي تحول الي فيلم سينمائي أخرجه بركات وقدمه طه حسين بصوته وقام ببطولته فاتن حمامة وأحمد مظهر و(الحب الضائع) الذي لعب بطولته سعاد حسني والتونسي علي بن عياد و(أديب) الذي تحول الي مسلسل تليفزيوني لعب بطولته نور الشريف.
عن جريدة الأهرام 23/11/2010